الاثنين، 20 أكتوبر 2014

يوميات طالبة طب : لماذا الطب؟




( لماذا أردتِ أن تكوني طبيبة ؟ )

بسؤال بسيط ، بدأ نقاش الدكتور اليوم مع مجموعتنا ، جميعنا لدينا الإجابة ، لكن ربما تُنسى مع الوقت ، ربما نحتاج أن نكرر السؤال بين فترةٍ وأخرى : لماذا الطب ؟ أن ننعش في دواخلنا حب الحلم من حينٍ لآخر :)

في الفترة الأخيرة ، كنتُ أردد السؤال بصيغةٍ أخرى : اذا كنتُ احدى المرضى من الأصل ، لماذا أزيدها على نفسي ، وادرس الطب ؟

سؤال اليوم كان مختلفا ، بدأ بـ ( يا دكتورة ) : ( لماذا الطب ؟ )
حسناً ما أعرفه أن الطب بالنسبة لي ليس مجرد طموح ، ولم يكُن حلم الطفولة كالكثير ، بل كنتُ أخافه فيما مضىٰ ، وأخافُ عليّ وعلى صحتي من حياةٍ صعبة كحياة الأطباء ..
أنا أعيش المعاناة ، كنتُ فيما مضى أقبل أن أكون المسكينة التي لا تقوى على الحياة ! وكل ما أذكره من طفولتي : المستشفى ، الغياب عن المدرسة ، و مسكينة هي تعبانة ما تستحمل شي !

رأيتُ نفسي في الصغيرة في غرفة الطوارئ ، أمها تقول : في المدرسة متفوقة ، احدى الموهوبات ، تغيبُ نعم ، تتعب كثيرا ، لكن تجتهد أكثر من اخوتها ولا ترضى بأقل من المراكز الأولى .. تبكي كثيراً حين يعاتبها أحدٌ أو يتأثر مستواها الدراسي بسبب المرض ..

" الألمُ قدر .. لكن المعاناة : اختيار "

لذلك أنا هنا ، أنا لا أريد المعاناة ، ولا أريد أن أيأس من الحياة ، لذلك أنا هنا ، لأن مثلي كثير ، ولكن كل من حولهم لا يرى فيهم إلا ألمهم ، أخبروهم بأن فعل اللاشيء سهل ، والحياة للاشيء أقل ضرراً ..
مهلاً ، بكل الأحوال لن يتغير شيء ، لذا لما أكون مجرد عابرة على الحياة ، دون أقل نفع ولو لنفسي ؟

أريد الطب لأنني أريد أن أخبر صغيرة الطوارئ : أنتِ بخير ، الألم سيمر ، غيابك سيعوّض ، أؤمن بأنك ستكونين أكثر نجاحا من كل الذين مروا بك ليقولوا يا للمسكينة .. 

لوالدي الطبيب ، حين اهتم بصحتي منذ الطفولة ، طبيبي الأول الذي لا أؤمن بغيره ، حين قال : مثلك في الألم كثير ، البعض يمضي كأن لم يكُن ، وقليل مثلك رفض المعاناة ، واختار أن يحيا كغيره ، بل أفضل ، أعرفُ طبيبات مثلك بنفس ألمك ولكنهم نجحوا في الطب وفي الحياة .. عديني فقط أن تكون صحتكِ أولا :)

لأمي ، حين وثقت بي ، وزرعت الحلم بداخلي ، حين حملت عني همي ، تعبي ، وضعفي ، وابتسمت لتخبرني : ( أنتِ أقوى من كل ذلك يا وداد ، أنتِ تستطيعين ، أؤمن بك ) .. أمي التي ضحت من أجلي ومن أجل صحتي بكثير من الحياة ، سأكون ما تُريده ، ابنتها الدكتورة :)

" أنا عشتُ المعاناة ، أنا عرفتُ كيف يؤمن الطبيب بمريضه ، كيف لكلماته فقط أن تغير الكثير .. وقليلون من الأطباء من يفعلون .. أريدُ أن أكون مثل أبي الطبيب "

...

سؤال الدكتور التالي : بعد سنتان ، ماهو التخصص الذي تريدينه ؟
عيشوا مستقبلكم من الآن ، صحيحٌ ان اختيار التخصص يعتمد بشكلٍ أكبر على سنة الامتياز ، لكن أكمل بناء حلمك وتخيّل ماسوف تكونه من الآن ..
في طب الأطفال ، الحلمُ أقرب ما يكون لقلبي ، وباذن الله سوف يكون ^_^

...

بدأ الدكتور حديثه ، وأنهاه بقوله : أنتِ الآن دكتورة ، لست أقل من ذلك ، لا تتهاوني بأي مريض لأنكِ لازلت مجرد طالبة ، لست كذلك بعد الآن ، تعلمي أن تحملي الأمانة ، وتخافي الله في مرضاك بحرصك على العلم الذي تدرسين الآن ..

...

" تُخلَق أحلامنا معنا ، ونُحَلِّق بسببها حين نَخلِقُ لها أجنحة "






الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

ذكرىٰ ()




عن الذكرى التي تستعصي على النسيان ، 
عن المواقف التي تأبى العبور ف حسب ، 
عن اللحظات التي تتردد في ذاكرتك مرةً تلو أخرى ..

ليس المؤسفُ في التذكر بحد ذاته ، 
المشكلة حين يتكرر الشعور ذاته في كل مرةٍ تعبر بك الذكرى ،
تبكي ، تغضب ، تُقهر ، كما لو أن الحدَث كان البارحة فقط ..

هل ننسى ؟ 

الخميس، 2 أكتوبر 2014

كيف حالك ؟





وتسألني بعد غياب : كيف حالِك ؟

بخير .. عدا عن قليلٍ من الفرح وكثيرٍ من عتاب !
أنا بخير .. عدا عن ذاكرةٍ لا تنسى ، وقلبٍ لايزال هشاً وضعيفاً .. ومكسوراً !

لا أملك سوى أن أردد : بخير !

اسمح لي أن أذكّرك ، كيف كنّا ..
أنتَ الغارقُ في قدسيتك ، المعرُوف بالملاك الذي لا يخطئ .
وأنا التي لم تُعرف سوى بالمزاج الحادّ ، كثيرة البكاء والشكوى

هل ترى البُعد بيني وبينك ، أين كنّا ، بربك هل كان لي أن أختار المعيّة أو الضدّ 
دون أن يجمعنا مرفئ واحد لكي أختار !

دعكَ من ذاكرتي الآن .. أنا بخير 


أنا بخير .. عدا عن دمعةٍ تأبى نفسي الانكسار لها ، ويأبى ضعفي حبسها ، 
فبقيت في المنتصف ، كحال كان يُفترض له جمعنا !!

لا أملك سوى أن أردد : بخير !

هذا السؤال البارد اليتيم والمتأخر جداً .. طال انتظاره .. كثيراً جدا 
والأشياء المتأخرة تأتِي لتُنهي كل أملٍ للعودة 


أنا بخير .. عدا عن حبٍّ لازال يقدّسك ، ويلومني لأجلِك !

لا أملك سوى أن أردد : بخير 

جهزتُ للقائنا ألف إجابة ، بنيتُ مئة مشهد ، وتصورتُ محادثة بيننا لا تنتهي ..
ولكن بعد النقطة ، انتهينا ، وانتهى كل أمل لدي ..

//

- كيف حالِك ؟
- بخير ... وأنت ؟
- يكفيني بأنكِ بخير .

//

٢:٣٠ ص
١-٧-٢٠١٤