الخميس، 15 ديسمبر 2016

هلوسة - قصة قصيرة



12:05 a.m.
بعيون تحدق في الظلام، أنتظر النوم ..
تأخذني أفكار ما قبل النوم لكل شيء، ولا أنام
دقات ثواني الساعة تخبرني بأن هذه الليلة للأرق ..
لطالما قال والدي: هذه الساعة المزعجة هي بالتأكيد أول أسباب الأرق!
لكنها هدية، غالية على قلبي جدا، لذلك لا لستُ منزعجة منها ..
يختفي صوتها، يختفي صوت التكييف، يختفي النور من أسفل الباب
هل انتصرت على الأرق وغفوت؟


12:15 a.m.
يقفز قلبي فجأة لأعلى رأسي، أفتح عيني فزعة مما رأيت!
لقد كان الشعور حقيقياً ! كنت على سطح المنزل، اضاءة الشارع الصفراء تبدو بعيدة
الهواء البارد أحسستُ بهِ واقعاً، عبرت سيارتان قبل أن أغمض عيني وأقفز
أحس بنبض قلبي يتضخم داخل جمجمتي .. حسناً ملابسي مبللة ومتسخة بالتراب،
هل سقطتُ على البركة أسفل الجدار؟
يعودُ الظلام في غرفتي، وتختفي الأصوات مجدداً، وأغفو ...


12:30 a.m.
صوتٌ يصرخ بكل قوته في أذني: ودااااد اصحي!
أفتحُ عيني فزعة، أتأمل ظلام الغرفة حولي، ولا أحد ..
أحس فجأة بأنني أتضاءل حجماً .. دولاب غرفتي أصبح يكبر ويعلو
المكتب يبدو أكبر مماهو عليه، وبعيييد جداً
سريري أصبح يكبُر شيئاً فشيء، وأضيع أنا في المنتصف،
أحاول النهوض ، أتشبث بأطرافه لأرفع نفسي، لكن يداي لا تصل!
السقفُ يرتفع عاليا.. كل شيء يكبر ويبتعد، 
أحس بنفسي تتضاءل، أحاول عبثاً النهوض من مكاني والوقوف
ولكن احس بأنني في اللامكان، يعود الظلام، وتختفي الأصوات .. وأغفو ..


12:45 a.m.
عيناي تحدق في الفراغ، أحاول جاهدةً التنفس، لكن أحس بيد كبيرة تخنقني،
أحاول أن أصرخ ولكن لا فائدة تذكر ، حاولت تحريك أطرافي ولم أستطع ..
بكيتُ .. بكائي أيضاً كان مجرد شهقات متتالية، تخلو من الأكسجين ..
عيني لا تزال تحدق في الفراغ، بدأت أطرافي تتجمد، أو هكذا شعرتُ بها ..
حاولت بكل الطرق أن أتنفس، بلا جدوى، كانت هناك قوة ما تمنعني من ذلك ..
أظلمت الدنيا في عيني، ولم أعد أشعر بأي شيء !


12:55 a.m.
لا شيء غريب هذه المرة، وهذا هو الغريب !
رفعت شاشة الجوال لأنظر للساعة، واذا بالجوال يهرب من يدي!
بطريقة او بأخرى اجتمعت كل الأجهزة التي تحيط بي
الايباد، الجوال، اللابتوب، حتى ساعة ابل، اجهزتي القديمة ايضا
كانت تاخذ نفسها لاعلى رفوف المكتبة، وتُسقط نفسها!
وجدت لنفسها بركة من الماء وأسقطت نفسها فيها..
هدأ ازعاجها، اعدتُ رفع شاشة الجوال .. أكانت فقط خمسون دقيقة؟


1:10 a.m.
تهزني أمي برفق، وداد حبيبتي تسمعيني؟
أنظر لها قبل أن تضمني بقوة: خفت عليك، حرارتك مرتفعة مرة
خذي هالمسكن، اشربيه ونامي حبيبتي 
أبكي: ماما خليكِ جنبي الليلة ..
تضمني وتقرأ علي المعوذات ، تنام معي هذه الليلة ، وأنام أخيراً 
هزمت أمي الأرق ... 

الخميس، 22 سبتمبر 2016

لا تنسَ أن تكون انساناً ..


في قسم الطوارئ، المناوبات تختلف، مناوبة صباحية مناوبة مسائية وأخرى تبدأ بعد منتصف الليل . 
الطبيبة التي جاءت للمستشفى بعد منتصف الليل تنظر لغرفة الطوارئ المكتضة بالمرضى، تلتفت يمنةً ويسرة من أين تبدأ يا ترى؟ 
هناك امرأة سبعينية تعاني من عدة أمراض مزمنة، وضعها متدهور، تتنفس بصعوبة رغم الأكسجين، بقربها أخرى لا تستجيب لما حولها تحتاج لعناية سريعة، في قسم طوارئ الرجال حالاتٌ أخرى في صعوبة هذه الحالات وربما أكثر ..

مع جراحة الأطفال، في الحادية عشرة والنصف ليلاً كتبت لمريضة الثلاثة عشر عاما طلب استشارة طبية من طبيب الطوارئ التابع لقسم الباطنية.. قابلت الطبيبة في الممر لأخبرها عن الحالة حين وجدت أن صفات الألم لا تشير لاشتباه بزائدة دودية، وأن السكر المرتفع وحالة الجفاف ربما تشير لتشخيص آخر مختلف تماما، قالت بكل برود: مناوبتي بدأت للتو عند منتصف الليل، هذه المريضة تتبع لمناوبة الطبيب الذي سبقني في المناوبة الفائتة، لذلك لن أنظر لحالة هذه المريضة ..!!!

اهمالٌ ربما، ممن سبقها حين ترك لها غرفة الطوارئ مليئة بكل تلك الحالات التي تحتاج لمستوى عالٍ من العناية الطبية، تبعته هي في نفس الخطأ، بدأت تتهرب من الحالات قبل أن تبدأ، كونها تدرك تماما لأي حد ستطول هذه الليلة ..
روتين الطوارئ ورؤية الحالات الحرجة جعلها تعتاد أن تتجاهل بعض الحالات البسيطة والمستقرة، ربما نسيت أن فتاة بعمر الثالثة عشر لا تزال طفلة تخاف كثيرا من الألم وقد تبكي بسببه، الطفلة لا تعرف الا انها في مكان فيه الكثير من الصراخ من الألم من حولها، وعليها أن تهدأ ..!

//

دكتورة هناك حالة في الطوارئ، لم ينظر لها أحدٌ منذ الأمس، هل بامكانك الاطمئنان عليها والتحدث مع الأطباء بشأنها؟
حين وصلت للطوارئ، امرأة سبعينية، تجلس بمفردها، تجاهد لأجل أن تتنفس وتملأ صدرها الملتهب بقليل من الأوكسجين..
فتحت ملف الحالة لأجده فارغا تماما! الا من ورقة تحليل وحيدة تخبر أن وضع المريضة لا يستدعي التدخل العاجل..
عذرا أليست المريضة هنا منذ الأمس؟
بلى .. ولكن طبيب الطوارئ البارحة انتظر طبيب المناوبة الصباحية لكي يخبره ان ينادي على أطباء امراض الجهاز التنفسي..!
طيب دكتورة ممكن تكلمي حق الجهاز التنفسي يجوا يشوفوها بسرعة؟ هي تعبانة ومكتومة و..
مافي مشكلة يا بنتي كلمناهم، تعالي انتظري معانا هنا لما يجوا الدكاترة! 
متى ح يجوا طيب ؟ المريضة تعبانة !
ما عارفة والله عطيناهم خبر وخلاص خلص الي علينا..

رجعت للخالة، أنا لا أعرفها، حادثتها قليلا، كيف حالك الان؟ هل من تحسن؟ هل تحتاجين اي شيء؟ 
وأجابت الدموع في عينيها، الله يعافيك يا بنتي، من أمس اني صابرة هنا، والله يعينني ويلهمني المزيد من الصبر الى أن يأتي حضرة الدكاترة .. أحسستُ بجزءٍ من المسؤولية حين رأيتُ دموعها، ليتني أستطيع أن أساعدك ولو بالقليل، كأن أطمئن عليك كل نصف ساعة ولو لمجرد طمأنتك عن حالتك كيف هي الآن ..

//

حين كنتُ أشكو في غرفة التنويم من الألم في صدري مع التنفس، دخلت طبيبة ربما مقيمة أو أخصائية، تريد فقط الاستماع لتنفسي .. 
فتحت الستارة، وبدون مقدمات: فين الالم؟ ابغى اسمع صدرك نامي يلا !
قلت لها بكل بساطة: لا أوافق على الفحص ..
ولماذا؟ ترفضين العلاج الذي أتيت من أجله؟ أنا الطبيبة هنا!
كررتها: لا أرغب منك أنت بالذات أن تقومي بالفحص.. أعرف مسبقا بأن الحالة تم تشخيصها من قبل الاستشاري، لا أحتاج لتعاملٍ كتعاملك هذا ..

أعرف بأن أسلوبي في الرد لم يكن مناسباً أيضا، ولكن هي لم تلقِ حتى السلام! لم تسأل عني ولا عن حالتي ولا يهمها ذلك في شيء، تريد فقط استغلال الحالة .. أكره أن أكون بالنسبة لها مجرد حالة مناسبة لكي تتعلم! أكره وأخاف أكثر أن أتعامل مع المرضى بهذه الطريقة ...
تعرف هي بالطبع أساسيات التعامل مع المرضى، لكن سنوات من التدريب في نفس المكان، الحالات المتشابهة، تكرار من يكبرها: تعلمي من كل الحالات ، ربما تكاسلت أو نسيت ربما كيف تقول: كيف حالكِ يا وداد؟ 

//

في قسم الأطفال، عدد الحالات لهذا اليوم سبع عشرة حالة، كم من الوقت لدينا للمرور بكل هذه الحالات ومتابعتها ..؟ الأطباء المقيمون في عجلة من أمرهم فعدد الحالات بالفعل كبير جدا لثلاثة أشخاصٍ فقط .. 
في البارحة كانت الطبيبة مناوبة، ربما كانت ليلة طويلة مرهقة لم تذق فيها معنى النوم.. 
تمر بالمريض الأول والثاني، تسأل بسرعة عن وضع الطفل اليوم، اي شكوى جديدة، تفحص مكان الألم وتنتقل للآخر ..
ربما مع كثرة الحالات تلك، خوفها من التقصير في الأساسيات، اللوم من الاستشاريين، نسيت حيناً أن تنتبه لخوف الصغير من الرداء الأبيض واللهجة السريعة حين السؤال عن الحال واثناء الفحص، نسيت أيضاً أن تنتبه لقلق الأم على مولودها الأول الذي لم يتجاوز عمره الشهران ..
لم تُخطئ الطبيبة في شيء، لم تقصر.. لكن الروتين وزحمة الحالات شغلاها عن الانتباه لشيء بسيط، نفسية الطفل الصغير وقلق أمه التي ترتجي كلمة اطمئنان واحدة .. الاعتياد أيضا يقتل الاهتمام بالأمور الثانوية ..

//

في زحمة الحالات، حين تكون مسؤولا عن عشرين حالة فأكثر، ضعف التعاون بين بقية الأطباء يزيد من عبء المسؤولية عليك، وتضطر للقيام بأشغال ليست من اختصاصك..
الحلقة التي تدور بالاهمال من طبيبٍ لآخر، مهما حاولت الحلقة الأضعف أن تتجنب المزيد من الأخطاء ولكن يداً واحدة لا تصفق !
تخاف التقصير في الأساسيات وتنسى وسط كل ذلك أن تلتفت لحاجة المريض الأخرى غير التشخيص والعلاج، "الاطمئنان" .. أعني حين تحاول بكل مافيك أن تتفادى التقصير، أن تحافظ على اهتمامك بالكمال، وألا تنسى وسط كل تلك الحالات أن تنتبه لـ (المرضى) ، المريض بذاته لا حالته ..
أخاف كثيراً من الاعتياد، أن أفقد الشعور بالرحمة للمريض الذي ينتظر فقط كلمة بسيطة، ابتسامة مطمئنة ودعوة قبل اغلاق الستارة بالشفاء والعافية ..

ومتأكدة تماما بأن تعامل طبيبة الطوارئ تلك مع المريضة الصغيرة كان ليختلف كثيراً لو دار بداخلها سؤال صغير: ماذا لو كانت هذه الصغيرة هي ابنتي أو حتى اختي الصغرى ؟

//

يارب في بداية طريقي هذا أسألك أن تملأ قلبي رحمة بالمرضى وبضعفهم وبحال أهاليهم، 
وامنحني الحكمة في التعامل فلا يطغى جانب على الآخر .. 
وبين كل ذلك الزحام يا رب لا تجعلني أنسى كيف أكون انساناً 🙏🏻


 

الاثنين، 12 سبتمبر 2016

عيد أضحى مبارك 1437 ❤️


لا شيء يساوي فرحة العيد بين أهلك، عائلتك الصغيرة ❤️
جمال عيدي في حضن أمي، ابتسامتها لنا رغم تعبها وسهرها لأجل اكتمال بهاء العيد في عيوننا، كي تكمل الفرحة في قلوبنا 💞
جمال عيدي في قبلة على كف والدي، حين يحتضننا بكل حب، يمطرنا بكلماته الحنونة، يذكرنا دائما بفخره بنا (بفخره ب أول أعيادي كطبيبة) 💞
ضحكات أخواتي وأخي خالد، حكايانا، مزحنا، (ويلا ناخذ سيلفي😎) (عيدي الصورة مو حلوة☹️)
في بهجة الصغار وتراقصهم فرحا بحلوى العيد، وسباقهم لكل من ناداهم (فين بوسة العيد؟) 
خلودي الصغير👼🏻، ولد بهذا اليوم أيضا، كان ذلك العيد الأصعب في ذكراه، وبميلاده صار هذا العيد كل سنة بعيدين ..

دعائي في صبيحة كل عيد يارب، أن تحفظ عائلتي من كل مكروه، أن تُعيد علينا هذا الجمال في كل عام ونحن بقرب بعضنا أسعد 🌸
ممتنة لك يارب بكل هذا الحب والجمال ❤️

//

لكل الأصدقاء هنا، أنتم أيضا جزء من جمال الأعياد.. دمتم بخير، دمتم بسعادة..
وكل عام وأنتم بقرب أحبتكم أسعد، كل عام وأنتم بخير 💞

 



// 

على الهامش:
طبعا بداية هالمنشور في عقلي من لما فجعونا مركز التدريب وقالوا ح تكونوا مرابطين، وحظي الجميل صادف ان مناوبتي بيوم العيد .. كنت أبكي يومها لأني ما ابغى أخسر صباح العيد بين أهلي ☹️  والحمدلله الحمدلله ألف مرة لانه صار اجازة وقضيت العيد بين أحبابي ❤️🎈


الأربعاء، 27 يوليو 2016

ولا ينتبه أحد !



بياضٌ كل ما حولها، سوادٌ كل ما ترتديه، ونصفُ الوجوه مخفي بالشالات .. البرد الذي جعل من أجسادهم كتلة من البخار، تنتفض، ترتعش وتنتظر ! 
الكل هنا ينتظر الساعة السادسة والنصف صباحا، موعد وصول الباص الأول وانطلاقته ..
كلٌ يفكّر في يومه الذي بدأ، مشاغله التي لا تعدّ، الحياة التي يجري كل كائنٍ حيٍّ لها منذ بداية يومه حين يستيقظ..
لأنه سيبقى هنالك دائماً ما نعيش لأجله، قضية أو هدف او مجرد التزامٍ ما، يجعلنا نستيقظ كل صباح، كل يوم، ونمضي في سبيله.. حتى العجوز التي جاوزت التسعين تعتقد بأن لها في الحياة أهميةٌ ما .. تستيقظ هي ايضاً صباحا وتمضي ..
يزدحم المكان، الساعة السادسة وخمسة وعشرون دقيقة .. هي ايضاً تنتظر في وسطهم، جالسة في منتصف مقعد الانتظار، كما البقية. الكل لاهٍ في انتظاره، في يومه الذي بدأ. الكل في طقوسه الروتينية المعتادة..
بجانبها طفلٌ صغير في عمر المدرسة يأكل قطعة حلوى، توبخه أمه أن ينتظر مجيء الباص قبل فتحها. لا يُبالي بها! لأنه يفضل أن يعيش لحظات انتظاره كما يريد، وهي في سكونها تجلس وتحدّق مطولاً في الفراغ.
يقف عند الركن عاملٌ بثياب لا تتناسب مع هذا البرد، في عينيه أمل وانتظار، ربما يريد محادثة أهله عند ركوب الباص، أو ربما اليوم ميعاد أجرته، لا يهم، هي لا تزال بالمنتصف تحدّق بالفراغ، وفي عينيها معنى اللاشيء.
السيد المحترم الذي وضع قطعة منديل ثم جلس على المقعد، يخرج جريدته ليقرأ، وفي كل عشرة ثوان يحرّك ساعته اللامعة لينظر كم مر من الوقت.. ويريد الآخر الذي لم ينم بعد انتهائه من دوامه الليلي أن يصرُخ به : يكفي استعراضاً يا هذا ! ولكن لا مبرر لتدخله بالآخرين . لذلك لا يهم، هي لا تزال تحدّق بالفراغ، في عينيها معنى اللاشيء، وتفكّر في معنى العدم؟ أو الأبدية!
أخيراً يأتي الباص تماماً في الموعد، تنزلُ جماعة تركبُ الأخرى وينطلق لوجهته التالية.. الزحمة في المحطة تنجلي بسرعة، كل يمضي لطريقه ..
هي لا تزال جالسةً هناك! في عينيها معنى اللاشيء، وتفكّر في معنى العدم؟ أو الأبدية! تسقط منها دمعة ، لم تنتبه لها! تفكّر في نفسها، لم ينتبه لها أحد .. كانت ككل شيء، عادية! مثقلة بالاعتيادية اللا ملحوظة، كالكرسي الذي تجلس عليه، كالعمود الذي يشير للمحطة، كالشجرة الواقفة خلفها، كأي شيء آخر.. فقط هناك تجلس، تفكّر، ماذا لو شارك الصغير قطعة الحلوى معها؟ ماذا لو ابتسمت لها أمه المزاجية تلك؟ ماذا لو اعتذر منها ذلك السيد قبل أن ينشر جريدته أمام وجهها كما لو كانت لا شيء؟ لماذا هذه الجماعات تمضي وتتحرك ولا أحد ينتبه للأشياء من حوله، الأشياء التي ستكون موجودة هنالك على الدوام!
لو اهتم أحدٌ بالشجرة التي خلفها لما يبست أوراقها منذ ثلاثة شتاءاتٍ مضتْ! لو اهتم أحدٌ بالمقعد لما فقد لونه البهي وصار شيئا متهالكاً مجرد خشب متآكل، اللوحة المائلة قليلاً لو اهتمّ أحد بها وعدلها، وجودها هي في زحمة الأشياء، لو التفت لها أحدٌ ما ولدموعها المتساقطة ولأنفها الذي ينزف ولخدها المتورم ولعينيها الجاحظتان من السهر والرعب ولكل شيء فيها يصرُخ بكلمة (ساعدني!)
لكن هي ككل الأشياء لا أحد ينتبه لوجودها، لا أحد يريدُ في زحمة وقته وروتينه أن يلتفت للأشياء من حوله..
تتحرك هي، بجسدها الهزيل تختارُ عبور الشارع للجهة الأخرى، ربما تجدُ أشياء أخرى تقاسمها التجاهل هناك، جسدها يرتعش من البرد، لا تزال تبكي، قبل أن تصل بخطوة، الكتلة المعدنية المسرعة تُلقيها بعيداً.. تتأرجح كقطعة بلاستيك يطيّرها الهواء، تسقُط .. تمضي السيارة في سرعتها، ولا ينتبه أحد ...


 


وداد الحازمي - 27/7/2016 

الاثنين، 18 يوليو 2016

يوميات طبيبة امتياز: بكل اطمئنان؛ الحمدلله



منذ اليوم الأول لنا في قسم الجراحة كأطباء امتياز، ومريضنا العم عبدالباري يرافقنا، 
حين رافقت الطبيبة المقيمة في جولتها على حالاتها، قالت لي ابدأي بالفحص..
كان أول مريض أبدأ بفحصه، حتى قبل أن أفحص حالتي المسؤلة عنها،
- يا عم كيف صحتك اليوم؟
- الحمد لله ، أنا منيح، صحتي منيحة، الحمدلله
- ممكن تاخذ نفس يا عم؟ 
*ارتبكت حينها، رغم انه لم يطلب مني الا مجرد الاستماع لتنفسه،
ربما ارتباك البدايات ..
لم يتذمر ، لم يسخر أيضا من ارتباكي، بالعكس بكل لطف :
- الله يوفقك يا بنتي، نسيتي تسمعي من ظهري كمان .
- آسفة يا عم ما كان ابغى اتعبك، تمام اجلس وباكمل لك الفحص
- مافي تعب يا بنتي، صرت اقدر اجلس وامشي كمان، الحمدلله
*بعد ان انتهيت قلت له بأن صوت تنفسه طبيعي ولا مشكلة به، رد :
- الحمدلله يا بنتي، أنا ما كنت قادر آخذ نفس صغير، والآن باقدر اخذ نفس طويييل وعميق، الحمدلله الصحة والعافية من الله، الحمدلله

في الجولات المتكررة، كنا نجد بأنه لا يشتكي من أي شيء، رغم انه قد يمر بألم، الصديد استمر، حين نسأله لمَ لا يخبرنا، يقول :
- أنا احسن من أمس، ليش اشتكي؟ الحمدلله أنا منيح، باقدر اصلي الحمدلله هذا ما اريده.. دايما الحمدلله .

اليوم توفي مريضنا العم عبد الباري، سأذكر دائماً كلمة الحمدلله حين يرددها بكل اطمئنان لما يكتبه الله له، رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته 💔



الجمعة، 8 أبريل 2016

يوميات طالبة طب: يوم التخرج



الشعور الذي يفوق الوصف، الفرح الذي لا تتسع له الكلمات،
لأن اليوم يوم تخرجي 😭🎓 ، ميعاد فرحي،
يوم تحقق الحلم الذي انتظرته طويلا، وسهرت لأجله عمرا أرقُب فيه تحقق الأمال 🎓
اليوم الذي سأقسم به قسم الطبيب، لأعلن فيه خير بداية لمسيرة عمرٍ قادم 🎓

فخورةٌ بنفسي، وبكل طبيبات #طب_2011

هذا النجاح والفرح أهديه لوالدي الغالي
لأمي الحبيبة
بكما ولكما وصلت لما أنا عليه اليوم ❤️🎓

أهديه لأخواتي وأخي
وكل من ساندني خلال الست سنوات الماضية
من القلب شكرا لكم❤️

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك 💜

--

الشعور أكبرُ من أن يُكتَب، في الفرح أفتقد لغتي،
لا شيء يسعني الا أن أقول لك الحمد يارب على كل ما رزقتني 💚

الخميس، 7 أبريل 2016

قصيدة التخرج


لطالما تمنيت الحصول على قصيدة خاصة بي،
قصيدة تُكتب لأجلي !

بدأتها بمزحة، اريد هدية تخرجي قصيدة!
واستجابت أمي الحبيبة والعظيمة جدا لطلبي
وكانت أول قصيدة تهدى لي من أمي ❤️

ألقيتُها في حفل تخرجنا، 
حفل تخرج الفجر الحادي عشر في جامعة جازان 

//

تلك السنون التي مرت على عجل 
عند الأنام وعيني لم تذق وسنا

والروح كم تعبت مني فما برحت
تدمي  الفؤاد لتثنيهه فما وهنا

يالائمي في هوى الطب الذي 
سهرت عيني لعينيه عمرا ترقب الزمنا

الطب في خافقي نبض تجود به
روحي وأضحى الأهل والوطنا

أضحى الضياء لعيني كم عرفت
 به معنى الوجود تألقاً وسنا

وكم تسابقت الاقدام في فرح
نحو المعالي فينسى القلب كل عنا

عن الصعاب التي كنا نكابدها
ينبئكم الليل والدمع الذي هتنا

في كل سانحة ذكرى مؤرقة
تذكي النفوس هموما تبعث الشجنا

جاء التخرج ينسينا مرارتها
ويذهب الهم والتذكار والحزنا

واليوم نجني ثمار الغرس وافرحاً
 هيا أحبتنا نجنيه خير جنى

هنا سأذكر أحبابي فما برحت
نفسي تقر  لهم بالفضل والمننا

هم والداي وقود الروح ان وهنت
عن المضي وكانوا الظل والفننا

مهما علوت ومهما شفني حلمي
فداكم الروح مني تسبق البدنا

هذا النجاح لكم أهديه في فرح
وحوله قلبي الذي أواكم زمنا



نوال حجاب الحازمي 

السبت، 13 فبراير 2016

بخلاء في الحب



ابذلوا الحب بقدر ما تستطيعون، تأكدوا جيدا بأنكم أحببتم بالقدر الكافي، 
وأنكم عبرتم عن هذا الحب كما ينبغي لأحبتكم ..
لا تبخل في الحب لأحد تحبه، صدقني ستندم كثيراً على كل ثانية بخلت فيها بقول (أحبك)
أو بالتعبير عن حبك بأبسط الأفعال، كابتسامة وجهك حين تقول (صباح الحب) 

لأمك وأبيك، لأخوتك، عائلتك أصدقائك وأحبتك، تأكد بأنك أحببتهم كما يليق بحبهم في قلبك،
لن يفهموا ما بداخلك ان لم تعبر عنه جيداً .. لا تقسُ عليهم ولو بتعبيرات وجهك ..! 
صدقني .. لن يتصل بك البلاء قبل حدوثه ليخبرك بأنه سيأخذ منك شخصاً عزيزاً على قلبك..
لن تدرك أنك أخطأت الا بعد فوات الأوان !
ستهذي بالكثير من "ليتني فعلت" "ليتني لم أفعل" 


//

يارب اشفِ أختي، وعافها، وارفع عنها الضر والبلاء، والطف بحالها،
وأخرجها مما هي فيه وكأنه لم يكن، واجعله يارب برداً وسلاماً عليها .. 
يارب يارب يارب 💔

الأحد، 7 فبراير 2016

يوميات طالبة طب : خطة الامتياز، ثم ماذا؟



لأن طريقي منذ البداية كان واضحاً،
كنتُ أعرف تماما ما أريده، وأسعى له بكل ما أوتيت من جهد وقوة ..

أخيراً حين وصلتُ لنقطة الاختيار، حين وُضع مستقبلي أمامي لأختار درباً أمضي فيه ما بقي 
 توقفت خطواتي ..
توقفت قليلاً عن الركض لما كنت أعتقد أنني أريده، وأعدتُ حساباتي من جديد ..

مخيفٌ أن تجد في نفسك التردد بآخر لحظة، 
بعد أن بقيت خطوة واحدة فقط عن الهدف الذي تريد، تتراجع خطوة ..
تعيد الحسابات .. تخاف أن تمضي، تخاف أكثر أن لا تفعل ..!

نعم ترددي الذي قلتُ بأنه سيقتلني ذات يوم، يأخذني الآن بعيداً،
 لأفكر مطولاً ومن جديد: ماذا أريد؟!

--

لم أستطع الوصول لنتيجة بعد، خطة الامتياز لا تزال مبهمة، 
كيف سأختار الشهر الأول والثاني وما يليها في حين أنني أريد تجربة كل شي ! 
أريد تجربة حقيقية ..

ورغم ذلك، أعرف أنني لن أصل لشيء ..
لأن خوفي هو من نفسي، مرضي، أحلامي التي قد تفوق حدود قدرتي ،

أعلم بأن الطب انجاز لم أكن لأحلم به، لكن حين تفكيري بالتخصص،أخاف .. 
ويبقى فقط ذلك السؤال الذي يتكرر على الدوام:
Am I good enough?

//

اللهم اختر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به 🙏🏻

الخميس، 28 يناير 2016


-

تستجدِي الفكرة، تبحث عن الهامٍ ما، أن تكتب عن شيءٍ ما.. 
أي شيء .. غير هذا الفراغ الذي يملأك، ويبعدك عن كل شيء ..

الأحد، 24 يناير 2016

مما تعلمت: تغيير عادة


تغيير عادة ✨
د. عمر اليماني 👻

كل عاداتنا بثلاث مكونات:
اشارة .. روتين .. مكافأة 

شغلك على الروتين 👌🏻
غيّر روتين واحد بس، 
واحتفظ بنفس اشارتك ومكافأتك 😌


⛔️ مثال
الاشارة: روحت البيت
الروتين: اتصفح الجوال ساعتين!
المكافأة: ارتحت بجسمي شوي

⛔️ التغيير هنا 👇🏻
الاشارة: روحت البيت
الروتين: اتصفح محاضرة
المكافأة: ريحت جسمي + احساس الانجاز ✨


ابدأ بعادة وحدة بس من عاداتك اليومية الكثيييير،
وتدريجيا بتتغير كل حياتك للأحسن وتصير آدمي مثل ما تبغى 🌝👌🏻