السبت، 18 أبريل 2015

تلك العتمة الباهرة



تلك العتمة الباهرة، الطاهر بن جلّون {اقتباسات}

//

وقفتُ ناحية العدم؛ هناك حيث لا وجود للزمن، متروكاً للريح، مستسلماً لذلك الشاطئ الواسع، موهوباً للسماء المفرغة من نجومها، من صورها، من أحلام الطفولة التي كانت هي ملاذها، المفرغة من كل شيء ..

يحاول أن يصدق أنه نائم وأن ما يراه إنما حلم مفرط في قبحه 

كنت أحاول أن أتلاشى في العدم، فلا أسمع شيئاً ولا أحسّ بشيء 

إن أكثر الأمور الاعتيادية تفاهةً، تصبح في المحن العصيبة، غير اعتيادية، لا بل أكثر ما يُرغَب فيه من أمور الدنيا ..

لا أعداء لي. يجب أن أقتنع بذلك: لا مشاعر، لا أحقاد، لا خصوم. إني وحيد. وأنا وحدي قد أكون عدو ذاتي ..

التذكُّر هو الموت! 
لا شيء يحول دون فوران الذاكرة ..

كان الليل ماثلاً ليذكّرنا بهشاشتنا

الإيمان ليس هو الخوف، الانتحار ليس حلاً، المحنة تحدٍّ، المقاومة واجب وليست فرضاً، الحفاظ على الكرامة هو الشرط المطلق.
تلك هي المسألة: الكرامة هي ما يتبقّى لي، هي ما يتبقى لنا.

لا يتسع الحاضر إلا لجري وقائعه، وعلينا أن نكتفي باللحظة القارة من دون أن نُعمِل الفكر فيها

كم هو صعبٌ أن نموت حين نريد الموت

لستُ لغير الله، هو وحده من ستلاقيه روحي فيقاضيها
ازداد ايماني بالله العلي العظيم، الرحمن، الأكبر، الرحيم، الذي يعلم ما على الأرض وما في السماء، والعليم بما في القلوب وبمصائر النفوس 

الحقد يُضعف، إنه يتأكّل الجسم من الداخل ويصيب جهاز المناعة. عندما يقيم الحقد في دواخلنا، ينتهي الأمر بأن يسحقنا.

النور، ماهو! كان النظام قائماً على السواد، على تلك العتمة، الحالكة، تلك الظلمات التي تنمّي الخوف من اللا مرئي، الخوف من المجهول 

الأمل كانت له كل صفات النفي.
كان الأمل كذبة ممزوجة بفضائل المسكنات، لكي نتجاوزه كان علينا أن نستعد كل يوم لماهو أسوأ.

لازلتُ أصلي: أعطني القدرة على أن أنسى، أن أستنكر، أن أرفض الرد على الحقد بالحقد. اجعلني في مكان آخر، أعني على التخلي عن هذا التعلق الذي يعيقني.

الحياة في جمالها اللذيذ، بساطتها وابتذالعا الرائع: ببساطة، جالسين وراء النافذة لأن ليس لدينا ما نفعله، وهو أمر جميل ألا نفعل شيئاً

البخيل هو من يتمسّك بكل شيء: المال، الوقت، المشاعر، الانفعالات. لا يعطي شيئاً، لذلك لا يستطيع أن يمنح امرأته البذر الذي منه الحياة!

لا شيء يمكنه أن يشوّش قوام النور
حيث لستُ سوى أنا نفسي
وما أحبّ
اليوم نور فريد
اليوم الحياة لا الطفولة كلها
محيلةٌ الحياة إلى النور
بلا ماضٍ، بلا غد
اليوم حلمُ ليل
في وضح النهار كل شيء ينحلّ لا ينعتق
اليوم إني على الدوام 

أستغرقُ في إعمال الفكرة، حتى أصبح الفكرة عينها. عندما أرتقي الى هذه الحال، أرى كل شيء يسيراً

علينا بالصلاة من دون أن نأمل بمقابل. تلك هي قوة الإيمان.
إني أصلي كثيراً، أصلي إلى الله بغية أن أصرف نفسي عن العالم .

كما تعلم، العالم يُختزل بحفنةٍ ضئيلة جداً من الأشياء. إني لا أناضل ضد العالم، بل ضد المشاعر التي ترودُ جوارنا لكي تجذبنا إلى بئر الكراهية.

إني لا أصلي من أجلي ، وليس رجاء بشيءٍ .. بل دفعاً لشقاء البقاء. أصلي دفعاً للقنوط الذي يُهلكنا
الصلاة هي المجانية المطلقة

كانت غرائبية بعض المواقف تحول دون احساسنا بالحزن، فالحقيقة أن الحزن لم يكن شعوراً سائدا بيننا 

الشخص الحزين يتاح له دائماً أن يكون في صلب الحياة، لأن الحزن لحظة في حياته، وليس حالاً دائمة. حتى إذا واجه مأساة عنيفة، هناك دائما وقت يحلّ فيه النسيان فيتلاشى الحزن.

ما من شيء يصرفُ المرء عن التفكير في الموت أكثر من التخلي المطلق..

اللامبالاة ليست غياب المشاعر، بل رفضها.

أيها المسلم لست منسياً برغم الظلمات والأسوار.
إعلم أن الصبر هو سبيل الخلاص ومفتاحه. ففي آخر المطاف، أنت تعلم جيّداً أنّ الله مع الصابرين

تبدأ الحكاية بمراودات الكراهية، وتنتهي بأن تصبح سماً يسري في دمك ويقتلك.

الثأر ينضح برائحة الموت النافذة ولا يسوّي مشكلة

الموت لا يوقف الحياة

شجرات النخيل لا تنبت في المقابر

اهدموا اكذبوا موّهوا وارقصوا فوق رماد الرجال سوف تصابون بالدوار وبعد ذلك لن يكون سوى العدم

//

كتاب عظيمٌ جداً ، رغم كل الألم والظلام  في صفحاته، الا أنه جعلني أتوقف قليلا، لأسأل نفسي بضع أسئلة .. هذه بعض الخواطر التي راودتني لحظة انتهائي من الكتاب :)

تلك الدرجة من الصفاء، السلام النفسي .. أن تنصرف بروحِك بعيداً عن كُل العشوائية هنا،
أن تؤدي صلاتك بمعزلٍ تام عن عوالقِ الدنيا، مغرياتها، وفنائها ..
أن تجد روحكَ محلقةً كيمامةٍ صغيرة ، لا تتشبّثُ بالغصن الذي تعلم يقيناً بمفارقتها له،
تطيرُ بخفةٍ وسهولة، غير مُحمّلةٍ بأدنى عائقٍ يمنعها من الطيران عالياً وبعيداً ..
في الرواية التي قرأت، كانت الظلمات هي بداية النور، وكان القفص هو بداية الحرية،
وكان الخوف هو نقيضُ الايمان واليقين ، وبيقينك بالله وحده تصلُ لايمانك، تتحرر من خوفك ..

ذلك العراك بين أفكارنا، تخبّطاتنا، ضجيج أفكارنا، هرولتنا خلفَ سعادة اللحظة، 
بحثنا الدؤوب عن معنىً للحياة، عن فرحة، عن سعادة، عن عن عن ..
كل ذلك جعلنا ننسى في خضم الحياة ؛ أن نصلّي بايمان، بيقين، بخشوع ، وبلذة 
أن نصلي لأجل الصلاة وحدها، العبادة.. دون انتظار مقابلٍ ما ..
أن نصلي لنتحرر للحظات من كل مُثقلات الحياة تلك، أن ننصرف بالقلب قبل الجسد إليها..
أن تؤدي صلاتك ، منصرفاً لها بكل مافيك ، وتترك بقية العدم للعدم ..

متى توقفنا عن انتظار المقابل، سنعرف الحقيقة التي لا ندركها إلا متأخراً جداً ،
الصلاةُ هي الفعل، هي الطاعة، هي العبادة، وهي المُقابل الذي نرجوه !


( وعجلتُ إليك ربّ لترضى )



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق